أثارتني أطروحة لأحد الأصدقاء عن أن من الناس من يظن أن الأرض مسطحة وليست كروية بتاتا. حينها تذكرت بعض العلماء الذين تكلموا عن هذا الموضوع وتحدوا به واقعهم الذي يؤمن بأن الأرض مسطحة. وكما ترى، فإني أتكلم عن العالم الإيطالي غاليلو غاليلي (15 فبراير 1564م - 8 يناير 1642م). فها أنت ترى أن غاليليو عاش في القرن 16 ميلادي، فهل سبقه أحد وقال بنفس قوله عن كروية الأرض؟ هذا هو موضوعنا اليوم.
ياقوت الحموي وكتابه معجم البلدان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد تذكرت عند مروري بأحد القواميس، الذي كنا نريد ضمه للعنقاء، بأني قرأت مقطعا فيه عن هذا الأمر بالذات فيه. وأن هذا الكتاب قديم شيئا ما. والعجيب أن موضوع كروية الأرض تطرق إليه العديد من العلماء الذين عاشوا تحت ضل الإمبراطورية العباسية. إنه معجم البلدان الذي ألفه ياقوت الحموي (1178م - 20 أغسطس 1229م).
أترون؟ إنه عاش في القرن 12م وقد سبق صاحبنا غاليلو هذا بحوالي 3 قرون. فماذا قال ياقوت الحموي في معجمه عن هذا الأمر. إليك مقتبسا من مقدمته:
وأيضا الاقتباس التالي:والذي يعتمد عليه جماهيرهم، أن الأرض مدورة كتدوير الكرة، موضوعة في جوف الفلك كالمحّة في جوف البيضة،
وأصلح ما رأيت في ذلك وأسدّه في رأيي، ما حكاه محمد بن أحمد الخوارزمي، قال:، وصورة ذلك، الصورة الأولى التي في الصفحة السابقة.الأرض في وسط السماء، والوسط هو السّفل بالحقيقة، والأرض مدوّرة بالكلية، مضرّسة بالجزئية من جهة الجبال البارزة والوهدات الغائرة، ولا يخرجها ذلك من الكريّة، إذا وقع الحسّ منها على الجملة، لأن مقادير الجبال، وإن شمخت، صغيرة بالقياس إلى كل الأرض، ألا ترى أن الكرة التي قطرها ذراع أو ذراعان إذا نتأ منها كالجاورسات وغار فيها أمثالها، لم يمنع ذلك من إجراء أحكام المدوّر عليها بالتقريب؟ ولولا هذا التّضريس، لأحاط بها الماء من جميع الجوانب وغمرها حتى لم يكن يظهر منها شيء، فإن الماء وإن شارك الأرض في الثّقل وفي الهويّ نحو السفل، فإن بينهما في ذلك تفاضلا يخف به الماء بالإضافة إلى الأرض، ولهذا ترسب الأرض في الماء وتنزل الكدورة إلى القرار، فأما الماء فإنه لا يغوص في نفس الأرض، بل يسوخ فيما تخلخل منها واختلط بالهواء، والماء إذا اعتمد على الهواء المائي للتخلخل نزل فيها وخرج الهواء منها، كما ينزل القطر من السحاب فيه، ولمّا برز من سطح الأرض ما برز، جاز الماء إلى الاعماق، فصار بحارا، وصار مجموع الماء والأرض كرة واحدة يحيط بها الهواء من جميع جهاتها، ثم احتدم من الهواء ما مسّ فلك القمر بسبب الحركة وانسحاج المتماسين، فهو إذا النار المحيطة بالهواء متصاغرة القدر في الفلك الى القطبين لتباطؤ الحركة فيما قرب منهما
ما رأيك في هذا المقتبس؟ ألا ترى انه ذكر موافقته لرأي محمد بن أحمد الخوارزمي الذي سبقه؟ فأحمد الخوارزمي هذا عاش بين سنة 899م - 997م الموافق لـ 285هـ - 387هـ. ومن هنا نقول أن مسألة كروية الأرض سبقت صاحبنا غاليلو بحوالي 6 قرون.
أبعد من ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل تطرق أحد من العلماء لنفس الموضوع قبل محمد بن أحمد الخوارزمي؟
نعم، عالم رياضي يعرف بـالفرغاني عاش بين 798م - 865م. فقد شارك الفرغانيّ في حساب قطر الأرض عن طريق حساب طول خطّ الزوال، وذلك بالتّعاون مع فريقٍ من العلماء تحت رعاية الخليفة المأمون في بدايات الإمبراطورية العباسية. ومن أهم كتبه كتاب في أصول علم النجوم. ويتضمن الكتاب دلائل تشير إلى كروية الأرض وحجمها.
هذا ولم أذكر أبو الريحان البيروني (973–1048م) وكيف حسب شعاع (نصف قطر) الأرض، وغيره من الفقهاء أنفسهم الذين أقروا بكروية الأرض كابن حزم وابن تيمية والغزالي وهلم جرا...
المراجع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- مخطوطة عن معجم البلدان: https://www.alukah.net/library/0/129615/